فصل: الشاهد الثامن والعشرون بعد الخمسمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.استيلاء صلاح الدين على حلب وقلعة حارم.

كان الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين العادل صاحب حلب لم يبق له من الشام غيرها وهو يدافع صلاح الدين عنها فتوفي منتصف سنة سبع وسبعين وعهد لابن عمه عز الدين صاحب الموصل وسار عز الدين صاحب الموصل مع نائبه مجاهد الدين قايمان إليها فملكها ثم طلبها منه أخوه عماد الدين صاحب سنجار على أن يأخذ عنها سنجار فأجابه إلى ذلك وأخذ عز الدين سنجار وعاد إلى الموصل وسار عماد الدين إلى حلب فملكها وعظم ذلك على صلاح الدين وخشي أن يسير منها إلى دمشق وكان بمصر فسار إلى الشام وسار منها إلى الجزيرة وملك ما ملك منها وحاصر الموصل ثم حاصر آمد وملكها ثم سار إلى أعمال حلب كما ذكرناه فملك تل خالد وعنتاب ثم سار إلى حلب وحاصرها في محرم سنة تسع وسبعين ونزل الميدان الاخضر أياما ثم انتقل إلى جبل جوشق وأظهر البقاء عليها وهو يغاديها القتال ويراوحها وطلب عماد الدين جنده في العطاء وضايقوه في تسليم حلب لصلاح الدين وأرسل إليه في ذلك الأمر طومان الباروقي وكان يميل إلى صلاح الدين فشارطه على سنجار ونصيبين والرقة والخابور وينزل له عن حلب وتحالفوا على ذلك وخرج عنها عماد الدين ثامن عشر صفر من السنة إلى هذه البلاد ودخل صلاح الدين حلب بعد أن شرط على عماد الدين أن يعسكر معه متى عاد ولما خرج عماد الدين إلى صلاح الدين صنع له دعوة احتفل فيها وانصرف وكان فيمن هلك في حصار حلب تاج الملوك نور الدين أخو صلاح الدين الأصغر أصابته جراحة فمت منها بعد الصلح وقبل أن يدخل صلاح الدين البلد ولما ملك صلاح الدين حلب سار إلى قلعة حارم وبها الأمير طرخك من موالي نور الدين العادل وكان عليها ابنه الملك الصالح فحاصره صلاح الدين ووعده وترددت الرسل بينهم وهو يمتنع وقد أرسل إلى الإفرنج يدعوهم للانجاد وسمع بذلك الجند الذين معه فوثبوا به وحبسوه واستأمنوا إلى صلاح الدين فملك الحصن وولى عليه بعض خواصه وقطع تل خالد الباروقي صاحب تل باشر وأما قلعة اعزاز فأن عماد الدين إسماعيل كان خربها فأقطعها صلاح الدين سليمان بن جسار وأقام بحلب إلى أن قضى جميع أشغالها وأقطع أعمالها وسار إلى دمشق والله تعالى أعلم.

.غزوة بيسان.

ولما فرغ صلاح الدين من أمر حلب ولى عليها ابنه الظاهر غازي ومعه الأمير سيف الدين تاوكج كافلا له لصغره وهو أكبر الأمراء الأسدية وسار إلى دمشق فتجهز للغزو وجمع عساكر الشام والجزيرة وديار بكر وقصد بلاد الإفرنج فعبر الأردن منتصف سبع وسبعين وأجفل أهل تلك الأعمال أمامه فقصد بيسان وخربها وحرقها وأغار على نواحيها واجتمع الإفرنج له فلما رأوه خاموا عن لقائه واستندوا إلى جبل وخندقوا عليهم وأقام يحاصرهم خمسة أيام ويستدرجهم للنزول فلم يفعلوا فرجع المسلمون عنهم وأغاروا على تلك النواحي وامتلأت أيديهم بالغنائم وعادوا إلى بلادهم والله تعالى ينصر من يشاء من عباده.

.غزو الكرك وولاية العادل على حلب.

ولما عاد صلاح الدين من غزوة بيسان تجهز لغزو الكرك وسار في العساكر واستدعى أخاه العادل أبا بكر بن أيوب من مصر وهو نائبها ليلحق به على الكرك وكان قد سأله في ولاية حلب وقلعتها فأجابه إلى ذلك وأمره أن يجيء بأهله وماله فوافاه على الكرك وحاصروه أياما وملكوا أرباضه ونصبوا عليها المجانيق ولم يكن بالغ في الاستعداد لحصاره لظنه أن الإفرنج يدافعون عنه فأفرج عنه منتصف شعبان وبعث تقي الدين ابن أخيه شاه على نيابة مصر مكان أخيه العادل واستصحب العادل معه إلى دمشق فولاه مدينة حلب ومدينة حلب منبج وما إليها وبعثه بذلك في شهر رمضان من السنة واستدعى ولده الظاهر غازي من حلب إلى دمشق ثم سار في ربيع الآخر من سنة ثمانين لحصار الكرك بعد أن جمع العساكر واستدعى نور الدين صاحب كيفا وعساكر مصر واستعد لحصاره ونصب المجانيق على ربضه فملكه المسلمون وبقي الحصن وراء خندق بينه وبين الربض عمقه ستون ذراعا وراموا طمه فنضحوهم بالسهام ورموهم بالحجارة فأمر برفع السقف ليمشي المقاتلة تحتها إلى الخندق وأرسل أهل الحصن إلى ملكهم يستمدونه ويخبرونه بما نزل بهم فاجتمع الافرنج وأوعبوا وساروا إليهم فرحل صلاح الدين للقائهم حتى انتهى إلى حزونة الأرض فأقام ينتظر خروجهم إلى البسيط فخاموا عن ذلك فتأخر عنهم فراسخ ومروا إلى الكرك وعلم صلاح الدين أن الكرك قد امتنع بهؤلاء فتركه وسار إلى نابلس فخربها وحرقها وسار إلى سنطية وبها مشهد زكرياء عليه السلام فاستنقذ من وجد بها من أسارى المسلمين ورحل إلى جينين فنهبها وخربها وسار إلى دمشق بعد أن بث السرايا في كل ناحية ونهب كل ما مر به وامتلأت الأيدي من الغنائم وعاد إلى دمشق مظفرا والله تعالى أعلم.